مواضيع متنوعة > وسائل الإعلام في مواجهة الحرب ضد الإسلام
وسائل الإعلام في مواجهة الحرب ضد الإسلام

الحرب الصّليبيّة الجديدة المعلنة على الإسلام والأمّة الإسلاميّة تشبه الحروب الصّليبيّة السّابقة في مناحٍ عديدة، غير أنّها تزيد عليها في جبهةٍ مهمّة جدّاً صارت من أهم مظاهر الحروب الحديثة ألا وهي جبهة الإعلام.

( وسائل الإعلام في مواجهة الحرب ضد الإسلام )
وبسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله ربّ العالمين، وأفضل الصّلاة وأتمّ التّسليم على سيّدنا محمّد وعلى آله وأصحابه أجمعين، اللّهمّ يا وليّ العافية نسألك العافية، عافية الدّنيا والآخرة، اللّهمّ إنّا نسألك تمام العافية، ونسألك دوام العافية، ونسألك الشّكر على العافية، ونسألك الغنى عن النّاس، اللّهمّ أرنا الحقّ حقّاً وارزقنا اتّباعه وحبّبنا فيه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه وكرّهنا فيه، اللّهمّ اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلاّ أنت، واصرف عنّا سيّئ الأخلاق لا يصرف عنّا سيئها إلاّ أنت، وصلِّ اللّهمّ على سيّدنا محمّدٍ وعلى آله وصحبه وسلّم.
الحرب الصّليبيّة الجديدة المعلنة على الإسلام والأمّة الإسلاميّة تشبه الحروب الصّليبيّة السّابقة في مناحٍ عديدة، غير أنّها تزيد عليها في جبهةٍ مهمّة جدّاً صارت من أهم مظاهر الحروب الحديثة ألا وهي جبهة الإعلام.
حيث كانت الحروب السّابقة تقتصر على الاحتلال العسكريّ، والتّدمير الاقتصادي وتذبيح أفراد الشّعوب، أمّا الحروب الحديثة فقد صارت تعتمد بالدّرجة الأولى الإعلام كوسيلةٍ لاختراق الشّعوب، ووسيلةٍ لتدمير الرّوح المعنويّة داخل الشّعوب المستهدفة، بحيث تصير فريسةً سهلةً لما بعد ذلك من حربٍ عسكريّة واقتصاديّة وما إلى ذلك، وقد أفاد هؤلاء القوم في هذا الأمر أن الإعلام بأيديهم وأنّهم يسيطرون على القطاع الأوسع من الإعلام العالميّ، وعندما نقول الصّليبيّة الحديثة فإنّنا نستذكر أنّ هذه الصّليبيّة الحديثة تختلف عن الصّليبيّة القديمة بأمرٍ مهم هو أنّها محكومةٌ بشكلٍ كاملٍ جملةً وتفصيلاً للصهيونيّة الّتي قويت في آخر مدّةٍ وبالتّحديد خلال ثلاثمئةٍ سنةٍ أكثر ممّا كانت قويّةّ في أيّ وقتٍ مضى؛ بل إنّها لم يكن لها وجودٌ في بعض مراحل التّاريخ، وقويت في مرحل أخرى واشتدّت قوتها في القرون الثّلاثة الأخيرة، واستطاعت أن تصنع تغيراتٍ مهمّةً جدّاً في وجه هذه الأرض، وفي خريطة العالم بدءاً بالثّورة الفرنسيّة الكبرى عام 1789م، مروراً بالثّورة البريطانيّة، ثمّ بتشكيل معالم السّياسة الأمريكيّة الحديثة في القرن العشرين، ثمّ بالثّورة البلشفيّة عام 1917م في روسيا والّتي أدّت إلى تشكيل الاتّحاد السّوفيتيّ فيما بعد، وما إلى ذلك من تفاعلاتٍ من تشكيل هيئة الأمم المتحدة والسّيطرة عليها من قبل اليهود، والسّيطرة على الولايات المتحدة الأمريكيّة حيث يتركز اليهود الأقوياء في العالم، في نيويورك مركز الاقتصاد الأمريكيّ ومركز الأمم المتحدة، فهذه الصّهيونيّة الحديثة الّتي تشكّل واجهةً من واجهات الماسونيّة هي الّتي تحكم الصّليبيّة الحديثة، بحيث صار الصّليّبون بمحض اختيارهم بعد أن اختُرِقوا يخدمون أهدافاً صهيونيّةً يهوديّةً خبيثةً، حيث استخدم اليهود الصّليبيّين في حرب الإسلام، فإذا انتهوا من المسلمين - فيما يحلمون - التفتوا بعد ذلك إلى أولئك الصّليبيّين، فإمّا أن يستخدموهم استخداماً استعبادياً وإمّا أنْ يفنوهم لأنّ القوّة بأيديهم، فالإعلام العالميّ تسيطر عليه الصّهيونيّة بنسبة تفوق 80%، وسائل الإعلام العالميّة بدءاً بوكالات الأنباء وعلى رأسها وكالة ( رويرتز ) وأمثالها من الوكالات الكبرى في العالم، وامتداداً إلى وسائل الإعلام مثل ( سي إن إن CNN ) وغير ذلك كلّها محكومةٌ حكماً تامّاً للفكر الصّهيوني وللّتوجّه الماسونيّ، ولهذا صاروا يستخدمون الإعلام في شنّ حربهم على الأمّة الإسلاميّة بطرقٍ مختلفة، فإذا أرادوا إحداث خلخلةٍ في دولةٍ من دول العالم تمهيداً لثورة يطيحون خلالها بحكمٍ لا يرضون عنه ويضعون حكماً آخر يرضون عنه؛ فإنّهم يبدؤون بالإعلام، ويوجهون إعلامهم نحو هذا الشّعب المستهدف، يبثّون في أفكار أبنائه سموماً خبيثةً تؤدي في نهاية المطاف إلى إحداث الغليان الشّعبيّ؛ الّذي يؤدي بعد ذلك إلى الثّورة، ولهم تاريخٌ طويلٌ في ذلك، وإذا أرادوا أن يشنّوا حرباً ما على دولةٍ ما مارسوا دور التّخذيل للشّعب الّذي يسكن هذه الدّولة، وجعلوه ينقسم فيما بينه وينقسم على نفسه ما بين مؤيّدٍ ومعارض، حتّى إذا أيقنوا بأنّ هذا الشّعب قد انفرط عقده، وودّع وحدته وتماسكه، صار فريسةً سهلةً، وصار متيسراً لهم أن يدخلوا بجيوشهم بعد أن فتكوا بأفكار الشّعب على بعد آلاف الأميال من خلال وسائل الإعلام, والإعلام بالنّسبة للغرب أمرٌ مهمٌّ جدّاً تعتمد عليه الحكومات ويعتمد عليه السّاسة ويعتمد عليه صنّاع القرار، ومن خلال الإعلام يسبرون أفكار النّاس وتحولاتهم الفكريّة والنّفسيّة الإعلام بالنّسبة لهؤلاء ليس وسيلة بثٍّ فقط، بل هو أخذٌ وعطاء، من خلال الإعلام يبثّون أفكارهم وينشرون ما يرمون إليه من خطط بطريقة مدروسة، ومن خلال الإعلام يسبرون أيضاً أغوار النّاس، ويفهمون إلى أيّة درجةٍ نجحت خططهم في هذا المجتمع، وهذا من خلال الإعلام الحديث الّذي يعتمد التّفاعل.
ووسائل الإعلام الحديثة ليست مسؤولةً فقط عن بثّ المواد إنّما هي تعطي وتأخذ, تعطي المادّة ثمّ من خلال برنامج تفاعليّ يتاح فيه للنّاس المشاركة وإبداء الرّأي، يستطيعون أن يروا إلى أيّة درجةٍ نجحوا في تحقيق غاياتهم الفكريّة والنّفسيّة في هذا المجتمع، وبقدر ما يكون الإعلام قويّاً يجلب شريحةً أكبر من المجتمع للتفاعل معه، وبقدر ما يجلب شريحةً أكبر من المجتمع للتّفاعل معه تكون النّتيجة الّتي يحصل عليها هذا الإعلام من الاستبيانات واستقصاءات الآراء أقرب إلى الواقع، بحيث إذا شارك في استبيان أو في استقصاء رأي مئة ألف شخص، وأخذوا نسباً لآراء المشاركين في موضوع ما، يأخذون عيّنة اجتماعيّة يمكن أن تعطيهم رأياً قريباً من الواقع، ولكنْ إذا شارك في هذا الاستقصاء خمسمئة ألف شخص فإنّ هذه النّتيجة الّتي سيخلصون إليها ستكون أكثر تمثيلاً للواقع الّذي يعيشه النّاس الّذي يمثّل أفكارهم ويمثّل تفاعلاتهم النّفسيّة، هذه المسألة يعتمدون عليها بشكل كبير.
وفي المشكلة الأخيرة في الجريمة النّكراء الّتي ارتكبوها ضد الإسلام والمسلمين وحضارة المسلمين وتاريخ المسلمين ممثّلاً كلّ ذلك بنبيّ الإسلام صلوات الله وسلامه عليه، كان للإعلام الدّور الأكبر، نعم الإعلام مُسيطراً عليه من قبلهم، ولكن أنت تريد وأنا أريد والله يفعل ما يريد... مارس الإعلام دوراً عكسيّاً، وذلك لأنّ الحقّ له كلمته ولابدّ من أن يثبت وجوده، حتّى ولو كانت وسائل القوّة كلّها بيد الباطل، فإنّ الحقّ لا بدّ من أن يثبت وجوده، خدم الإعلام قضيّة المسلمين بشكلٍ كبيرٍ من حيث لا يشعر..!
ومن أهم وسائل الإعلام الحديثة < الإنترنيت >، ما يميّز < الإنترنيت > عن سائر وسائل الإعلام أنّه حرٌّ حريّةً مطلقةً، وأنّ المرء يستطيع من خلاله أن ينشر الفكرة الّتي يريد، وأن يوصلها إلى من يريد، وأن يستهدف بفكرته من يريد في أيّة بقعةٍ من بقاع العالم دون أن يمنعه من ذلك قلّة مالٍ وقلّة خبرةٍ وما إلى ذلك، بخلاف وسائل الإعلام الأخرى، الصّحيفة تحتاج إلى نفقاتٍ كبيرةٍ حتّى تصدر, تحتاج إلى مطبعة تحتاج إلى ثمن ورق، تحتاج إلى الكثير من الجهد في التّوزيع والتّسويق، وإذا نُشرت بعد بذل كلّ هذا الجهد وإنفاق كلّ الأموال المطلوبة؛ فمن المُتعذّر أن نوصلها إلى كلّ بقعة نريدها، فهذا الأمر يحتاج إلى البريد، والبريد يحتاج أيّاماً، والبريد لا يصل إلى كلّ البقاع الّتي نريدها بسهولة، وسائل الإعلام الفضائيّة أيسر في وصولها من الصّحف الورقيّة، ولكنْ كلفتها أكبر وتحتاج إلى موافقات في دول مختلفة، والدّولة تستطيع أن تمنع الوسيلة الإعلاميّة الّتي لا ترضى عنها، كما حدث مع بعض القنوات العربيّة الّتي مُنعت في فرنسا كقناة ( المنار) وكما يحدث في بلاد الغرب تجاه كثيرٍ ممّا لا يرضون عنه، بسهولةٍ يحجبون البثّ ويمنعون أفراد النّاس من استقبال هذه القناة، فضلاً عن الكلفة الماليّة الضّخمة الّتي يستوجبها إنشاء قناة فضائيّة، ثمّ إنّ القناة الفضائيّة تبثّ برنامجاً في وقتٍ معيّن من رآه حصل المطلوب ومن لم يره فقد فاته الأمر، لا يمكن أن يراه في أيّ وقتٍ يشاء، يراه فقط وقت بثّه، أمّا < الإنترنيت > فهي متميّزةٌ وخاليةٌ من كلّ تلك العيوب، فالمشاركة بنشر فكرةٍ في < الإنترنيت > لا تحتاج إلى كثير مال، هي تحتاج - إذا أردت أن ترسل بريداً إلكترونياً - تحتاج فقط أن تدخل إلى < الإنترنيت >، وإذا أردت أن تنشئ موقعاً أن تنفق مالاً قليلاً جدّاً حتّى تستهدف شريحةً كبيرةً من النّاس، والمادّة الّتي توضع متاحةً أربعً وعشرين ساعةً في اليوم، بخلاف القناة الفضائيّة، وتصل إلى كلّ بقعةٍ من بقاع العالم بيسر وسهولة، بخلاف الجريدة الورقيّة، ويسهل انتشارها وتكرار مرات بثّها وانتشارها ما بين فردٍ وآخر دون أيّة كلفة ماليّة، لا تحتاج إلى تصوير ورقي على آلةٍ ناسخة، إنّما يرسل الواحد إلى عشرة والعشرة يرسلون إلى مئة والمئة يرسلون إلى ألف، وفي فترة قصيرة تكون هذه الرّسالة الموجّهة المستهدِفة لشريحةٍ معينةٍ من النّاس قد وصلت إليهم ربما ضمن ساعات فقط، قد وصلت إلى ملايين النّاس ضمن ساعات إذا كان كلّ هؤلاء نشطاء في هذا المجال.
ما الّذي يمكن أن نفعله في مجال الإعلام وبالتّحديد في مجال الإعلام الالكتروني في أزمة الجريمة النّكراء الّتي اُرتكبت بحقّ رسول الله عليه الصّلاة والسّلام؟ ولعلّ هذا يكون بدايةً ليتدرّب المسلمون على التّعامل مع هذه الوسيلة من أجل أزماتٍ أُخر قد نتعرض لها لأنّ حربهم حربٌ بعيدة الأمد، وإذا انكسرت شوكتهم في هذه المرة فهذا لا يعني أنّهم انتهوا إلى الأبد وأنّهم استسلموا، بل إنّهم حريصون بادئ ذي بَدء على أن لا ينكسروا أبداً في هذه الجولة ويحشدون كلّ طاقاتهم للحفاظ على قوتهم وتماسكهم، ويستدعون تأييد الأوربّييّن جميعاً، بحيث نشرت صحفٌ عدّةٌ رسوماً مشابهةً أو الرّسوم نفسها، لحشد الدّعم المعنويّ للدّنيمرك، وينفقون أموالاً طائلةً محاولةً لتغيير صورتهم، ولكنْ ينبغي أن نعلم أنّ كلّ هذا لن يغيّر من الحقيقة شيئاً أنّهم مبغضون لنا ولنبيّنا ولديننا ولحضارتنا، وأيّة محاولة اعتذارٍ مبطّنٍ لا يراد منها إلا اتّقاء الأذى، وأمّا في حقيقة الأمر فإنّهم في قرارة أنفسهم حاقدون حقداً عمره مئات السّنين لا يمكن أن ينتهي في تظاهراتٍ وفي غضبٍ يستغرق أياماً فقط.
أرادوا بنشر هذه الرّسوم مسائل عدّة ولكنْ من أهم هذه المسائل: أن يختبروا مقدار حياة هذه الأمّة، إلى أيّة درجةٍ لا زال فيها حياة، كما أنّنا إذا أردنا أن نختبر حياة إنسانٍ مريضٍ ينازع ( يُحتَضَر )، نحرّكه نضربه، نرى ردود أفعاله، إن رأيناه جثّةً هامدةً، قلنا فيه: أنّه مات ولم يعد عنده أيّ قدرةٍ على التّفاعل، على ردّ الفعل، هم ضربونا من جهة اليد فلم نتحرك، ضربوا هذا الجسد المريض المتداعي من جهة الرّجل فلم يتحرك، ضربوه من جهة الوجه فلم يتحرك، قالوا: إنّه مات... فإذا بهم يوجّهون ضربةً قويّةً باتّجاه القلب، فإذا بهذا الجسم كلّه ينتفض، لم يكونوا يعتقدون أنّ هذا الجسم لا زالت فيه حياة، ولكنّ حياته في قلبه النّابض في رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فإن هم مسّوا هذا القلب ظهرت هذه الحياة الكامنة في هذا الجسم المريض الّذي لم يمت ولن يموت، ولم يكونوا يتوقعون أنّ حياة المسلمين إلى هذا القدر عظيمةٌ ولكنّها كامنة، فهم يريدون أن يختبروا في مفاوضاتهم وفي تأخرهم عن الاعتذار مقدار القوّة الّتي يمتلكها المسلمون في ردود أفعالهم، وهم مستغربون كلّ الاستغراب، ولكنْ في الوقت نفسه يريدون أن يختبروا هذه القوة إلى آخر حد حتّى يضعوا سياساتهم البعيدة على أساس هذه القوة، حتّى يروا ماذا يمكن أن يصنعوا ليقضوا على حياة هذا القلب النّابض الّذي لم يبقى غيره من حيٍّ داخل هذا الجسم المتداعي المريض.
ولهذا ينبغي للمسلمين أن لا ينخدعوا ببعض المحاولات للالتفاف حول إساءاتهم، وإذا كَثُرت الدّول الّتي تسيء إلى النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام فينبغي أن لا نزهد في جهود المقاطعة والمحاربة الفكريّة والإعلاميّة لهذه الجريمة، وليكن المستهدف الأوّل هو المسيء الأوّل وأمّا المسيئون الآخرون فيمكن أن نستهدفهم في مقاطعتنا وفي بياننا بقدر المستطاع، ولكنْ على أن لا يشتت هذا جهودنا وعلى أن لا يشغلنا عن المسيء الأوّل ألا وهو ( الدّنمرك ) بالتّحديد في هذه الأزمة.
ماذا نستطيع أن نفعل؟ أمورٌ عديدةٌ نستطيع فعلها من خلال الإعلام الالكتروني بالتّحديد، لأنّ الإعلام الفضائيّ مسيَّر ومسيّس، كلّ قناةٍ تمثّل جهةً تسمح بنشر فكرٍ من نوعٍ محدّدٍ موجّهٍ إلى شريحةٍ محدّدة، يعني يُجرى استبيانٌ محدّدٌ في عدّة قنواتٍ فضائيّةٍ مثلاً، الاستبيان الواحد يُظهر نتائج مختلفةً في هذه القنوات، هذا يدلّ على أن هذه القنوات لا تمثّل استبياناتها بالضّرورة الرّأي العامّ، لأنّ كلّ قناة تستهدف شريحةً معيّنةً، وهذه الشّريحة هي الّتي تتفاعل مع هذه القناة، في الموضوع الواحد نجد نتائج مختلفة.
الأمور الّتي نستطيع فعلها عديدة:
1ـ الأمر الأول: إنشاء مواقع إلكترونيّةٍ للذّود عن رسول الله عليه الصّلاة والسّلام، يراد بها بيان عظمة النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام وفضائله وحقيقة شخصيته وروعته وما قال الغربيّون فيه - صلوات الله وسلامه عليه - حتّى يعلم الغربيّون أنّ أناساً منصفين من بني جلدتهم عرفوا رسول الله - عليه الصّلاة والسّلام - فأحبوه، وليس المسلمون وحدهم هم الّذين يحبونه، بل كلّ المنصفين في العالم وكلّ من تعرّفوا على رسول الله - عليه الصّلاة والسّلام - بحياديّة ونزاهة شهدوا له بالفضل وأيقنوا أنّه الشّخصيّة الكاملة بل الشّخصيّة الأكمل على مرّ التّاريخ.
ومن المفيد أن تكون هذه المواقع باللّغات الأجنبيّة الّتي يُخاطب بها الغرب وذلك لأنّ الغرب ضحل الثّقافة العامّة!، وهذه المسألة ينبغي أن يعرفها شبابنا بالتّحديد، الغرب ليس عالي الثّقافة، نعم هو عالي درجة التّحصيل العلميّ في مجالات اختصاصه، كلّ واحدٍ منهم متمكنٌ جدّاً من مجال اختصاصه متميزٌ جدّاً، ولهذا فاقوا العالم في هذه المجالات، وأمّا في الثّقافة العامّة فالأمر مختلف، بخلاف شعوبنا عندهم تقصيرٌ في المجال التّخصصي لافتقارهم إلى الأدوات ولافتقارهم إلى الأجواء العلميّة، ولكنّهم متميّزون عن الغرب في مجال الثّقافة العامّة، على سبيل المثال: الصّغير والكبير يفهم في السّياسة، ويتابع الأخبار ويهمّه ماذا يحدث في بلدان العالم المختلفة، حتّى ولو لم تكن هذه البلدان تمثل شيئاً بالنّسبة له، وأمّا الغرب فإنّهم لا يهمهم السّياسة، الجغرافية مسألةٌ تمثّل اهتماماً بالنّسبة لمعظم الصبيان الصّغار ( لمعظم الأولاد )، فتجد كثيراً من الصّبيان يتبارزون في حفظ أسماء عواصم العالم، وأذكر أنا عندما كنت طفلاً صغيراً كنت أنا والأطفال نلعب لعبةً تكون من خلال النّظر إلى الخريطة، خريطة قد تكون خريطةً محليّةً أو خريطةً عالميّةً، نتنافس في البحث عن كلماتٍ أسماء البلدان أسماء لمدن أسماء لقرى في هذه الخريطة، ونحن أطفال صغار، الجغرافية بالنّسبة لصبياننا وأطفالنا اهتمامٌ مهمّ، بحيث إنّ معظم أسماء دول العالم مألوفةٌ بالنّسبة لهم، ويكادون يعرفون نسبةً كبيرةً من هذه البلدان في أيّ موقع من العالم تقع، وبعض الصّبيان يحفظون مساحات الدّول العربيّة بالكيلومترات المربّعة!، وما إلى ذلك، أمّا في الغرب فإن هناك جهلاً مطبقاً في هذا المجال، إلاّ عند أصحاب الاختصاص، بحيث لو سألتهم عن اسم دولةٍ في قلب الأحداث في الأخبار ربّما لا يعرفونها ولم يسمعوا بها، وقس على ذلك عموم المجالات الثّقافيّة الأخرى، بحيث أنّنا لو أجرينا الآن مسابقةً ثقافيّة غير تخصصيّة، أتينا بمئة طالبٍ من جامعة ( حلب ) ومئة طالبٍ من جامعةٍ من جامعات ( واشنطن ) وأجرينا لهم مسابقةً في الثّقافة العامّة فأنا أجزم أنّ طلاب جامعة حلب يتفقون على طلاب جامعة أمريكيّة، عندهم جهل في الثّقافة العامّة، شبابنا في الغالب يتقن الواحد منهم لغةً أخرى فضلاً عن لغته الأمّ اللّغة العربيّة، وبعضهم يتقن لغتين أو ثلاث لغات، في الغرب لا يهمّه أن يتقن لغةً أخرى غير لغته، فلا تتوقّع أن تهتم شريحةٌ كبرى منهم بدراسة اللّغة الصّينيّة أو اللّغة العربيّة أو اللّغة العبريّة، اللّغة الأمّ هي اللّغة الإنكليزيّة مثلاً في أمريكا، وبعضهم يهتمّ بدراسة اللّغة الفرنسيّة ولا يمثّلون شريحةً كبيرةً، فالّذي يريد أن يخاطب ذلك الغرب عليه أن يخاطبه بلغته فقط، لا يفهم إلاّ لغته، لأنّه ضحل الثّقافة، محدودٌ في معارفه، إلاّ في مجال اختصاصه كما قلت، في مجال اختصاصه بلغ الذّروة مقارنةً ببقيّة الشّعوب وأمّا في غير مجال اختصاصه فإنّه في الحضيض، فمن المفيد أن تكون هذه المواقع موجهةً للغرب بلغاتهم.
2ـ أمر ثانٍ: من المفيد إنشاء مواقع لتشجيع المسلمين على الاستمرار في سياسة المقاطعة، وسياسة الحرب الفكريّة والإعلاميّة لمن حاربنا: { وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ * } ، هم حاربونا بالإعلام وبالحريّة الشّخصيّة، ونحن نحاربهم بالحريّة الشّخصيّة، لا نعتدي عليهم، لا يجوز أن نعتدي على أفرادهم على مواطنيهم، لا يجوز أن نعتدي على سفاراتهم، هذا كلّه يدخل في باب الاعتداء، وأمّا أن نقابل الحريّة الشّخصيّة بالحريّة الشّخصيّة، فلا إشكال في ذلك، هم يقولون: نشر هذه الرّسوم من حريّة الرّأي، ونحن نقول: ونحن أحرار نأكل ما نشاء وندع ما نشاء، لا أحد يلزمنا بأن نأكل طعاماً معيناً وزبدةً معينّةً وحليباً معيّناً، هذه حريّةٌ شخصيّةٌ، فلماذا الغضب!؟ ولماذا الانزعاج من قبلهم!؟ ولماذا يحاولون أن يثنونا عمّا نريد!؟ نحن نأكل ما نشاء، إذا كنتم أنتم تنشرون ما تشاؤون وتعتدون بحرياتّكم على حريّات الآخرين وعلى مقدّساتهم، فنحن عندما نقرّر أن لا نأكل هذا النّوع لا نعتدي على حريّة أحد، فهذا هو الحدّ الأدنى من الحريّة أن أكل ما أشاء وأن أدع أكل ما لا أشاء، وأمّا أنتم فإنّكم تتجاوزون بحريّاتكم الخطوط الحمراء، "حريّتك تتوقّف عندما تبدأ حريّة الآخرين" لذلك ينبغي أن نشجّع على الاستمرار في هذا النّهج، النّهج العقلاني النّهج المعتدل، وأن نكون وسطاً في ذلك، لا نكون مُفرِطين كأناسٍ يدعون إلى العدوان ويدعون إلى مقابلة الإساءة بإساءةٍ شرٍّ منها لا يرضى عنها الشّرع فيها ظلم وفيها انتهاك لحرمات البشر، ولا نكون مُفَرِّطين كأناسٍ يطالبون بعدم اتخاذ أيّ إجراء كالمقاطعة وغيرها، وأن نعتمد على الحوار فقط، الحوار مع من؟ مع من شحن بالأحقاد تجاهنا؟ نعم يمكن أن نحاور الشّعب، وكما بيّنت إنّ ذلك الشّعب سيستفيد كثيراً من هذه الرّسوم، سيستفيد لأنّه سيبحث الآن عن الإسلام، وكما قلت إنّ الإعلام لعب في هذا الزّمان دوراً إيجابياً بالنّسبة للمسلمين والإسلام، رغم أنّه يُسَيطر عليه من قبل أعداء الإسلام.
أيّام الحروب الصّليبيّة استطاعت السّلطات الملكيّة الأوربيّة والسّلطات الكنسيّة الصّليبيّة في تلك البلاد أن تشيع بين أفراد الشّعب الجهلة - الّذين لم كانوا يعرفون من الحضارة شيئاً - فكراً حاقداً على الإسلام والحضارة الإسلاميّة، بحيث استطاعوا أن يجيّشوا جيوشاً جرّارةً تهاجم بلاد المسلمين دون أن يكون عندهم أدنى وعيٍ بحقيقة الإسلام والمسلمين، استطاعوا أن يفعلوا ذلك لأنّه كان هناك عزلٌ تامّ بين الحضارات، فالمسلمون يعيشون في واد، وأولئك يعيشون في وادٍ آخر، ولكنّهم لمّا دخلوا بلادنا ورجعوا استفادوا كثيراً من هذا وبعضهم أحبّ الإسلام بعد أن جاء، ولكنّ الغالبيّة منهم رجعوا كما جاؤوا حاقدين لأنّ نفسيّاتهم لمّا أتوا كانت مشحونةً بالحقد الّذي لا يمكن إزالته بسهولة، أمّا اليوم فإن الشّعب الأوربّيّ شعب جاهلٌ كما كان أيام الحروب الصّليبيّة مع فرق بسيط أنّنا يمكن أن نصل إليه قبل أن يعتدي علينا، يمكن أن نُفهمه الحقيقة قبل أن يستجيب لأوامر سادته الّذين يوجهونه ومن ورائهم - من وراء الكواليس - الصّهاينة الّذين حكموا الصّليبيّة الحديثة.
فإذا تمكّنا من ذلك انقلب السّحر على السّاحر، وكان الإعلام التّحريضيّ الغربيّ ضد الإسلام ذا أثرٍ عكسيّ، بحيث صار إعلاماً يعطي ثمرةً طيبةً هي التّعريف بالإسلام الحقيقيّ، هم أرادوا أن يشوّهوا الإسلام في نظر الإنسان الدّنمركيّ خصوصاً، لأن الجريدة الّتي نشرت هذه الصّور جريدة ( يولاندس بوستن، jyalands postn ) جريدةٌ تكتب بالدّنمركيّة، لا يقرأها إلاّ الإنسان الدّنمركي، هم يريدون أن يشوّهوا صورة النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام تشويهاً زائداً في نظر الإنسان الدّنمركيّ، والإنسان الدّنمركيّ الآن في موقع المتفرّج يريد أن تحسم هذه المعركة ليعرف من المنتصر، جريدة بلاده وحكومة بلاده وصليبيّة بلاده وصهيونيّة بلاده؟ أم العالم الإسلامي المنتفض؟ يريد أن يُحسم الخلاف، وعلى ذلك الأساس يقرّر إلى من يستجيب وبمن يتأثّر، خلال هذه المدّة ( مدّة المعركة الفكريّة الدّائرة بين الطّرفين الّتي أخذت أشكالاً أخرى اقتصاديّةً شعبيّةً ) هذا الشّعب لن يبقَ متفرجاً، سوف يحاول البحث بنفسه عن الحقيقة، صحيفة بلاده تصرّ على أنّ هذه الرّسوم حرّيّة رأي! وعلى أن هذه الرّسوم تمثّل حقيقةً! أي تصرّ على أنّ النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام هو كما رسموه!، حاشى له ذلك، والمسلمون يصرّون على أنّه أعظم إنسان، وعلى أنّه خير خلق الله، وعلى أنّه أعظم الخلق أخلاقاً، وعلى أنّه أشرف مخلوقٍ على مرّ التّاريخ، الشّعب الدّنمركيّ يحتار!!.
استطاع المسلمون - من خلال وسائل الإعلام - أن يوصلوا هذه الرّسالة إلى الشّعب الدّنمركيّ نفسه، فوجئ الشّعب الدّنمركيّ، هو يحارب الإسلام ويأيّد حكومة بلده لسببٍ واحد هو الجهل.
والّذي يحارب الإسلام أيّها الأحبّة إنّما يحاربه لأحد سببين: إمّا جهلٍ وإمّا حقدٍ.
فهناك من يعرف حقيقة الإسلام وروعته وعظمته ويحاربه لشدّة حقده، فأهل الظّلام لا يحبّون النّور، ويحاربون النّور وأهله بكلّ ما أوتوا من قوّة، لأنّهم لا يريدون التّخلي عن ظلامهم، وهذا يمثّل موقع الحكومات الغربيّة الصّليبيّة المتصهينة
وأمّا الجهل: الجهل يكون سبباً لعداء الإسلام حتّى ولو كان هذا الإنسان المعادي للإسلام إنساناً غير حاقدٍ على الإسلام مبدئياً، بحيث أنّه لو زال جهله لأحبّ الإسلام، وكما قالوا: الإنسان عدو ما يجهله.
نعم يوجد ضمن الشّعب من يحارب الإسلام مع المعرفة بسبب الحقد، ويوجد من يحارب الإسلام بسبب الحقد وإن كان لا يعرف شيئاً عنه، وحتّى لو عرف عنه سيبقى محارباً له، لأنّ حقده قويّ جدّاً، ولكنْ كلّ هؤلاء لا يمثلون كلّ الشّعب الغربيّ.
الغالبيّة العظمى من الشّعب الغربيّ قابلون لأن يصيروا جنداً من جنود الإسلام، عندما يعرفون حقيقته، فهذه مسؤوليتنا.
الإعلام يسّر التّواصل بيننا وبينه، ويسرّ أن نوصل رسالة ديننا إليهم، وتلك الصّحيفة وذلك الرّسام الحاقد وتلك الحكومة سهلت لنا هذه المهمّة كثيراً، لولا ما حدث لما كان هناك مناسبةٌ تربط بيننا وبين الشّعوب الأوربيّة، نعرّفهم من خلالها على رسول الله عليه الصّلاة والسّلام، ولكنْ هم فتحوا لنا الباب ويسّروا لنا الأمور وأعدّوا لنا هذا الشّعب، وأثاروا حميّة الشّعب وحماستة لمعرفة شيءٍ عن هذا النّبيّ العظيم صلوات الله وسلامه عليه، جعلوه متعطّشاً جدّاً ليعرفوا ما هي الحقيقة، حتّى الرّسام الّذي رسم تلك الرّسوم قال: ( إنّني لم أكن قبل نشر هذه الرّسوم أعرف الكثير عن محمّد ) صلّى الله عليه وسلّم، هو يعترف بأنّه فعل ذلك مع جهله بشخصيّة النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام، فما بالك بعامة النّاس؟ وهذا المثقف الصحافي!.
هيّؤوا لنا الشّعب وأعدوه لنا، ثمّ قالوا لنا: أيّها المسلمون ها نحن أولاء قد أعددنا لكم الشّعب، وها هو ذا متعطشٌ لمعرفة شيءٍ عن نبيّكم، فعرفوه بنبيّكم صلّى الله عليه وسلّم، هي فرصة قلما تتكرر، هيّؤوا لنا نفوس الشّعب الأوربّي ليعرف شيئاً عن هذا النّبيّ العظيم عليه الصّلاة والسّلام.
واذكروا أيّها الأحبة: أنّ الإنسان - أيّ إنسان كائناً ما كان انتماؤه كائناً ما كان شعبه كائناً ما كانت البقعة الّتي يعيش فيها - خيّرٌ في أصله خيّرٌ في فطرته، لا يولد شريراً لا يخلق مجرماً لا يولد محارباً للحقّ نافراً من الإيمان، ولكنْ تخرب فطرته بسبب البيئة الّتي يعيش فيها ونوعيّة التّربية الّتي يحصلها، فالشّعب الأوربّي فيهم خيرٌ كثيرٌ يحتاج إلى إخراج وتحريك، وهذه فرصة لأنّه الآن يبحث وربّ ضارة نافعة، فمن خلال < الإنترنيت > من المفيد جدّاً أن يتحرك الشّباب المسلم ليعرّف أولئك بحقيقة هذا الدّين.
3ـ بعض الشّباب عندهم هواية الدّخول إلى المحادثات ، والتّعارف مع أناسٍ من بلاد مختلفة، هي الآن فرصتهم عوضاً عن أن يضيعوا أوقاتهم الطّويلة والسّاعات المديدة في دردشات فارغة في غرف الدّردشة، في أمور تافهةٍ سخيفة، هي فرصتهم إن كانوا من هواة هذا الأمر، أن يشتغلوا بالتّعريف بالنّبيّ عليه الصّلاة والسّلام، ويذكروا مواقف من حياته صلّى الله عليه وسلّم منتقاةً، طبعاً رسول الله عليه الصّلاة والسّلام لا تحتاج أن تنتقي من حياته، لأنّ أيّ موقفٍ من حياته تأخذه وتفهمه وتُفهّمه للنّاس يكون دعوةً إلى محبّته صلّى الله عليه وسلّم، ولكنْ هناك أمورٌ تأثّر بشكلٍ سريعٍ قبل أن يحاول الإنسان تَفَهُّمها، فمن المفيد انتقاء هذه المواقف، وتعريف هؤلاء القوم بها، أن نحكي لهم عن رحمة النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام، عن سماحته مع أعدائه، عن شجاعته عن كرمه عن حسن أخلاقه، عن معاملته للمرأة عن قوله: [ خيركم: خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ] عن رحمته بالحيوان، عن رحمته بالأطفال، عن رحمته بالكافرين، عن عفوه عمّن ظلمه، عن إحسانه إلى المسيئين إليه، عرّفوهم بهذه الحقائق، عرّفوهم بذلك وهذا ما يعرفه كلّ مسلم ولا يحتاج إلى بذل جهدٌ كبير هذه وسيلةٌ أخرى، الوسيلة الثّالثة الّتي يمكن أن تستغل بها الشّبكة العنكبوتيّة في هذه الحرب.
هم يريدون المحاربة ونحن نريد المسالمة، هم يريدون أن يؤذوا هؤلاء المسلمين ونحن نريد لهم الخير، لأنّ الله أرسلنا بهذا الدّين لنكون دعاة خيرٍ ودعاة إصلاحٍ ودعاة سلام لننتشل النّاس من الظّلمات إلى النّور، وجعلنا ورّاث الأنبياء والمرسلين الّتي كانت دعواتهم جميعاً يراد بها: إنقاذ النّاس من الضّلال إلى الهدى، وانتشالهم من الظّلام إلى النّور، وإنجاؤهم من النّار إلى الجنة، ينبغي أن نفهمهم ذلك أن النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام لم يأتِ ليذّبح ولم يأتِ ليحارب ولم يأتِ ليأخذ لنفسه حظّاً من الدّنيا، فلنخبرهم عن زهد النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام في الدّنيا وكيف ينفق تلال الذّهب ويبيت جائعاً لا يجد طعاماً يأكله، ولنخبرهم عن علاقة النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام بالنّساء، وهم الّذين يصطادون كثيراً في الماء العكر، ويستغلّون كثرة زواج النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام وتعدّد أزواجه ليتكلّموا بما تمليه عليهم نزعتهم الخبيثة، فالنخبّرهم أنّ النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام لم يتزوج إلاّ في عُمر خمسٍ وعشرين سنة، عاش خمساً وعشرين سنةً لا يمد يده إلى حرام وهو يعيش في مجتمع جاهليّ، لو فعل فيه الحرام لما ميّزه ذلك عن بقيّة النّاس، ومع ذلك لم يفعل الحرام وتزوج زواجاً شرعياً صحيحاً في عُمُر خمسة وعشرين، وبقي مع زوجته الّتي كانت تَكبُره بخمسة عشر عاماً ولو كان شهوانياً - حاشى له ذلك - لكان أمامه كثيرٌ من الفتيات الصّغيرات تزوّج بنت أربعين عاماً وبقي يحيا معها أكثر من ستةٍ وعشرين عاماً لم يتزوّج عليها، إنسانٌ مثل هذا لا يمكن أن يكون إنساناً شهوانياً فعُلِم أنّ كلّ ما حدث بعد ذلك من تعدّد زوجاته - صلّى الله عليه وسلّم - كان له حكمةٌ له حكمة إلهيّةٌ، ولهذا أمره الله بأن يتزوج فلانةً ويتزوج فلانة، وما كان يتصرّف إلاّ بتوجيهٍ وهدىً من الله سبحانه وتعالى.
إذاً من خلال غرف الدّردشة الّذي عنده هوايةٌ بذلك، من المفيد أن يستغلّ هذا بهذا الطّريق، طبعاً لا أشجع أنا على هذه الطّريقة ( طريقة غرف الدّردشة )، أنا لا أشجّع عليها بالأصل، لأنّ فيها محاذير ومفاسد محتملةً، ولكنْ أقول من كان معتاداً على هذا فليوجه هذا الآن بالاتجاه الصّحيح بالاتجاه الخير، ومن لم يكن معتاداً عليه فهذا أفضل؛ ألاّ يكون معتاداً عليه لأنّه يحمل من المخاطر والمساوئ أكثر ما يحمل فيه من المحاسن.
4ـ الطّريقة الرّابعة الّتي يمكن استغلال الشّبكة العنكبوتيّة بها في هذا الأمر: إرسال الرّسائل إلى الحكومة الدّنمركيّة، باللّغة الإنكليزيّة أو باللّغة العربيّة أو بهما معاً، الّتي فيها شجبٌ واستنكارٌ وإدانةٌ، وبيانٌ لمشاعر المسلمين وبيانٌ لماذا غضب المسلمون كلّ هذا الغضب، للحكومة الدّنمركيّة وللصحيفة الدّنمركيّة الّتي نشرت تلك الرّسوم وللسّفارات الدّنمركيّة في أرجاء العالم.
5ـ الطّريقة الخامسة: المشاركة في مواقع بعض الصّحف وبعض الوسائل الإعلاميّة الغربيّة الّتي تجري تصويتاً على هذه المسألة.
إن شاء الله يوم الغد أحاول أن أعرض لكم ذلك بشكلٍ مباشر على شاشة حاسوب، أو إذا تيسر ذلك على وسيلة إسقاط ضوئيّ، أن أعرض لكم بعض هذه المواقع الّتي يمكن أن تدخلوا إليها وتشاركوا في التّصويت، لأن التّصويت على هذه الاستبيانات أمرٌ مهمّ، منها ما هو باللّغة الإنجليزيّة ومنها ما هو باللّغة الألمانيّة، موجّةٌ لشريحة معينة من النّاس، يسألون شعوبهم هل توافقون على نشر هذه الصّور أم لا توافقون؟ هل تأيّدون غضب المسلمين أم لا تؤيدون؟ لو كنت في موضع رئيس التّحرير هل كنت تنشر هذه الرّسوم أم لا تنشرها؟ والنّتائج نتائج مخيفة جدّاً تدلّ على حقدٍ شعبيٍّ عارمٍ في الشعب الأوربّي ضدّ المسلمين فعندما ترى الحكومات أن الشّعب كلّه يؤيّد ذلك، 80% يقولون لو كنت في موضع رئيس التّحرير لنشرت هذه الصّور، مثلاً 70% في أحد الاستفتاءات يقولون لا يحقّ للمسلمين أن يغضبوا هذا الغضب، و20% يقولون يحقّ لهم أن يغضبوا كلّ هذا الغضب، تشعر الحكومات من خلال هذه الاستبيانات بقوّة موقفها ( الحكومات الغربيّة ) وتصرّ أكثر على عدم الاعتذار، ولكنْ لو أنّ المسلمين أنفسهم ساهموا في هذه الاستبيانات ودخلوا بأعدادٍ كبيرة وقلبوا نتيجة الاستفتاء فمن شأن ذلك أن يغير نظرة الحكومة إلى نتيجة هذه المسألة، ومن شأن ذلك أن يؤثّر في المواقف الحكوميّة، الحكومات الغربيّة تعتمد كثيراً على هذه الاستقصاءات، استقصاء الرّأي مصدرٌ مهمٌّ للسياسات، يجسون نبض الشّعب ويرون ماذا يريد وماذا لا يريد ماذا يحب وماذا يبغض، وعلى هذا الأساس يقرّرون مواقف سياساتهم بما يتوافق مع أهواء شعوبهم، ليس عندهم مبدأٌ ثابتٌ مئة بالمئة، هناك مبادئ راسخة لا تتغيّر، ولكنْ في الغالب هناك مجالٌ للتّساهل وهناك مجالٌ يعني مرونةٌ أو لنسمها زئبقيّة، بحيث إنّهم ليسوا متمسّكين تمام التّمسك، إذا كان الشّعب يقول في هذا الأمر: أنّه مرغوب يفعلونه وإذا كان يقول" إنّه مرفوض لا يفعلونه، فمن المفيد جدّاً المساهمة في هذه الاستفتاءات الّتي من شأنها أن تقلب الموازين وأن تغيّر نظرة الحكومات الغربيّة للمسألة، طبعاً لست ممنوعاً في أيّ بقعةٍ من بقاع العالم من أن تشارك في هذه الاستفتاءات وإن كانت بغير لغتك المهم تعلم اضغط على هذا الزّر ثمّ اضغط على هذا الزّر، أفهّمك الأمر بيسرٌ وسهولة لا يحتاج الأمر أن تفهم كلّ هذا الكلام المكتوب، اضغط على هذا الزّر ثمّ اضغط على هذا الزّر وسوف يكون لك صوت إيجابي، وإذا دخل عشرون ألف صوت مئة ألف صوت تنقلب نتيجة الاستفتاء فتتغيّر سياسة حكومةٍ ربّما بناءً على عدّة نتائج، هذا أمر مهمّ جدّاً، لا ينبغي أن يغفل المسلمون عن هذه الوسائل المهمة في هذه الحرب الّتي يحاربوننا إيّاها، ولا ينبغي أن يقتصروا على جانبٍ واحدٍ في تفكيرهم، بل ينبغي أن يكونوا مرنين في تفكيرهم قادرين على فهم الأمور من كلّ أبعادها بشكلّ شموليّ، فليست المسألة بهذه السّطحيّة والضّحالة الّتي كانت تحدث فيها في القرون الماضية، إنّما صارت المسألة معقّدةً وصارت عناصرها متشابكة جدّاً، ولابدّ للمسلم من أن يكون ابن زمانه، لابدّ من أن يكون واعياً بما يحدث من حوله، حتّى يستطيع أن يساير هذا العصر وحتّى يستطيع أن يفرض وجوده في هذه المعمعة، وأن يكون له سهمٌ في هذه القسمة، حيث يقتسمون العالم ويزيحوننا، لا يسمحون لنا بأن نَقْتَسِم معهم؛ بل إنّهم يقتسموننا مع اقتسامهم للعالم، لا يسمحون لنا أن نَقْتَسِم بل صرنا نحن نُقْتَسَم وذلك لأنّنا وراءهم، خلفونا وراءهم ولم نفقه حقيقة الحرب الّتي يخوضونها ضدّنا يقول تعالى: { وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِن قُوَّةٍ وَمِن رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ } ما استطعتم من قوة... والعلم في هذه المسائل والخوض فيها مظهرٌ من مظاهر القوّة، فلا ينبغي أن يقصّر المسلمين فيه، ولا ينبغي أن يزهدوا في الأخذ به لأنّه طريق مهم من طرق إثبات الوجود في هذا العصر الّذي يحكم فيه الأقوى، فإذا كان المسلم صاحب حقّ ولم يكن صاحب قوّة فإنّه قد لا يستطيع الدّفاع عن حقّه، فلابدّ مع الحقّ من قوّة تدفع عنه الأذى ولابدّ من أن يكون المسلم صاحب حقّ وصاحب قوّة معاً، نسأل الله أن ينصر ديننا بنا، وأن ينصرنا بديننا اللّهمّ أعزّنا بالإسلام وأعزّ الإسلام بنا إنّك خير مسؤولٍ وأكرم مجيبٍ، والحمد لله رب العالمين.
اللّهمّ إنّك عفوٌّ تحبّ العفو فاعفُ عنّا، اللّهمّ طهّر قلوبنا من النّفاق، وأعمالنا من الرّياء، وألسنتنا من الكذب، وأعيننا من الخيانة، اللّهمّ أرنا الحقّ حقّاً وارزقنا اتّباعه وحبّبنا فيه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه وكرّهنا فيه، اللّهمّ اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلاّ، أنت واصرف عنّا سيّئ الأخلاق لا يصرف عنّا سيّئها إلاّ أنت، اللّهمّ انصر الإسلام وأعزّ المسلمين، اللّهمّ من أراد بالإسلام والمسلمين خيراً فوفّقه إلى كلّ خير، ومن أراد بهم شرّاً فخذه أخذ عزيزٍ مقتدر واجعله عبرة لمن أراد أن يتذكّر أو يعتبر، وصلِّ اللّهمّ على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلِّم.

الملفات الصوتية
الملف الأول
الملفات النصية
الملف الأول108 KB
أرسل هذه الصفحة إلى صديق
اسمك
بريدك الإلكتروني
بريد صديقك
رسالة مختصرة


المواضيع المختارة
مختارات

[حسن الظن بالله]

حسن الظن بالله يعني أن يعمل العبد عملاً صالحاً ثم يرجو قبوله من الله تعالى ، وأن يتوب العبد إلى الله تعالى من ذنب عمله ثم يرجو قبول الله تعالى لتوبته ، حسن الظن بالله هو ذاك الظن الجميل الذي يأتي بعد الفعل الجميل.
يقول النبي عليه الصلاة والسلام : {لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى.}
قال سبحانه في الحديث القدسي :{ أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني } أنا عند ظن عبدي بي فإذا ظننت أنه يرحمك وأخذت بأسباب الرحمة فسوف يرحمك ، وأما إن يئست من رحمته وقصرت في طلب أسبابها فإنه لن يعطيك هذه الرحمة لأنك حكمت على نفسك والله تعالى سيحكم عليك بما حكمت أنت على نفسك .