مواضيع متنوعة > الظَّن الحسن والذِّكر
الظَّن الحسن والذِّكر

حسن الظن ينبغي ألا يتحول إلى أمن من مكر الله تعالى فينبغي أن يكون مع حسن الظن خشية وخوف وحذر , فالله تعالى يقول :{ ويحذركم الله نفسه}...

بسم الله الرحمن الرحيم
يقول النبي عليه الصلاة والسلام فيما يروي عن ربه سبحانه في الحديث القدسي:{ أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم .}
أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني ... من هنا كان على المسلم أن يحسن الظن بالله سبحانه وتعالى في كل أحواله ؛ أن يحسن الظن في حالة الإحسان ويحسن الظن في حالة الإساءة , فأما في حالة الإحسان فإن إحسان الظن يقتضي أن يظن أن الله تعالى يقبل منه عمله , وأما في حالة الإساءة فإنه يقتضي أن يظن أنه إن تاب قبل الله تعالى توبته .
حسن الظن ينبغي ألا يتحول إلى أمن من مكر الله تعالى فينبغي أن يكون مع حسن الظن خشية وخوف وحذر , فالله تعالى يقول :{ ويحذركم الله نفسه} ويقول :{وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى } فحسن الظن والرجاء إذا لم يصحب بالخشية والخوف والحذر فإنه يتحول إلى أمن , والله تعالى قد ذكر أن الأمن كفر يوصل إلى نار جهنم فقال:{ أفأمنوا مكر الله ؟ فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون}
وأما بقية الحديث فإنها تتكلم عن الذكر:{وأنا معه إذا ذكرني ... } فالله تعالى جليس الذاكرين , وهو ذاكر من يذكره , كما قال سبحانه:{فاذكروني أذكركم} ثم يبين ربنا سبحانه وتعالى أن الذكر له نوعان:خفي وجهري , فإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم , إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي , فأيهما أرفع درجة وأفضل حالاً ؟ هل الذي يذكر الله في نفسه فيذكره الله في نفسه , أم الذي يذكر الله في ملإ فيذكره الله في ملإ خير منهم ؟ قد يقول المرء بل الذي يذكره في ملإ لأن الله تعالى سيشهر أمره وسيرفع ذكره في السماء,فيذكره في ملإ خير منهم, نعم ولكن أن يذكر الله تعالى العبد في نفسه هذا أسمى بكثير لأن هذا يعني أن سراً بين العبد وربه لا يطلع عليه أحد قد نشأ وهذا أسمى من أن يشتهر أمر العبد بصلاحه وتقواه عند أهل السماء .
ومن هنا كان الذكر الخفي أفضل من الذكر الجهري والأدلة على ذلك كثيرة ؛ منها ما روي في حديث:{خير الذكر الخفي وخير الرزق ما يكفي} بل الآية الكريمة صريحة في تبيان أن الذكر الخفي هو الأصل, وهي قوله تعالى:{ واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين} كما قال ربنا سبحانه في الدعاء, والدعاء والذكر لهما أحكام متفقة:{ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين} من هنا كان رفع الصوت بالذكر اعتداءً تبعاً لهذه الآية , ورفع الصوت بالدعاء بغير حاجة اعتداءً تبعاً للآية نفسها , كما صح في الحديث الذي رواه الشيخان أن النبي عليه الصلاة والسلام كان في سفر وأصحابه معه , فكانوا إذا صعدوا الثنايا كبروا وإذا نزلوا هللوا , فارتفعت أصواتهم بالتكبير , فقال لهم رسول الله عليه الصلاة و السلام :{اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصمّ ولا غائباً , ولكنه سميع قريب} فنهاهم عن رفع الأصوات بالذكر , فالذكر في أصله عمل قلبي فهو ضد النسيان , كما بينت الآية:{ واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين} فالذكر يتنافى مع الغفلة . وتمام الذكر القلبي التلفظ اللساني على ألا يعلى الصوت فيه , وذلك لفوائد وحكم:
أولاً : الذكر الخفي أقرب إلى الخشوع , فمن أسمع نفسه كان أخشع. ثانياً : الذكر القلبي أقرب إلى الإخلاص , فالذي يرفع صوته بالذكر لا يأمن على نفسه أن يرائي , وأما إن أسر بالذكر فإنه أقرب إلى الإخلاص, وإن كان في الحالين معرضاً لوجود شرك خفي.
ثالثاً : الذكر الخفي ممكن في كل الأحوال بخلاف الذكر الجهري , فقد تجلس في مجلس الناس يتحادثون فيه ولا تملك أن تتحدث معهم , ولكنك تملك أن تذكر الله تعالى الذكر الخفي ولا يمنعك من ذلك أحاديث من حولك ولا يمنعك من ذلك أي سبب عائق , قد تمنع من الذكر الجهري ولكن لا يمنعك أحد من الذكر الخفي , لأن قلبك ولسانك ملك لك , فالله تعالى ملكهما لتحسن استثمارهما بما يرضي الله تعالى , فاللسان موضع ثانوي للذكر والموضع الأولي هو القلب,{ فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم} والله تعالى أعلم , والحمد لله رب العالمين .
*******

الملفات الصوتية
الملف الأول
أرسل هذه الصفحة إلى صديق
اسمك
بريدك الإلكتروني
بريد صديقك
رسالة مختصرة


المواضيع المختارة
مختارات

[حسن الظن بالله]

حسن الظن بالله يعني أن يعمل العبد عملاً صالحاً ثم يرجو قبوله من الله تعالى ، وأن يتوب العبد إلى الله تعالى من ذنب عمله ثم يرجو قبول الله تعالى لتوبته ، حسن الظن بالله هو ذاك الظن الجميل الذي يأتي بعد الفعل الجميل.
يقول النبي عليه الصلاة والسلام : {لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى.}
قال سبحانه في الحديث القدسي :{ أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني } أنا عند ظن عبدي بي فإذا ظننت أنه يرحمك وأخذت بأسباب الرحمة فسوف يرحمك ، وأما إن يئست من رحمته وقصرت في طلب أسبابها فإنه لن يعطيك هذه الرحمة لأنك حكمت على نفسك والله تعالى سيحكم عليك بما حكمت أنت على نفسك .