مواضيع متنوعة > صحوة المسلمين ثورة أم فورة
صحوة المسلمين ثورة أم فورة

ردود الأفعال الإسلاميّة العنيفة تناسبت مع فداحة الجريمة الّتي ارتُكِبَت بحقّ شخص سيّدنا رسول الله عليه الصّلاة والسّلام الّذي يمثّل أمّة الإسلام، وبالتّالي كانت جريمةً بحقّ المسلمين أجمعين، لا بحقّ المليار ونصف المليار الّذين يمثّلون تعداد أمّة الإسلام في هذا العصر، بل كانت جريمةً بحقّ المسلمين على مرّ عصورهم، من عهد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى هذا الزّمان إلى أن يأتي أمر الله، ولكنْ عندما نمتلك قدراً من البعد في التّخطيط والتّفكير، نستطيع أن نحوّل ردود الأفعال هذه من الفورة إلى الثّورة.
فكيف يمكن لنا أن نحوّلها من فورةٍ إلى ثورة؟

( صحوة المسلمين ثورة أم فورة )
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله ربّ العالمين، وأفضل الصّلاة وأتمّ التّسليم على سيّدنا محمّدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين، اللّهمّ يا وليّ العافية نسألك العافية - عافية الدّنيا والآخرة - اللّهمّ إنّا نسألك تمام العافية، ونسألك دوام العافية، ونسألك الشّكر على العافية، ونسألك الغنى عن النّاس، اللّهمّ أرنا الحقّ حقّاً وارزقنا اتّباعه وحبّبنا فيه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه وكرّهنا فيه، اللّهمّ اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلاّ أنت، واصرف عنّا سيّئ الأخلاق لا يصرف عنّا سيّئها إلاّ أنت، اللّهمّ إنّا نسألك من خير ما سألك منه نبيّك محمّدٌ صلّى الله عليه وسلّم، ونعوذ بك من شرّ ما استعاذ بك منه نبيّك محمّدٌ صلّى الله عليه وسلّم، ونسألك من الخير كلّه عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، وعوذ بك من الشّرّ كلّه عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، ونسألك الجنّة وما قرّب إليها من قولٍ وعملٍ، ونعوذ بك من النّار وما قرّب إليها من قولٍ وعملٍ، اللّهمّ إنّا نسألك حبّك وحبّ من يحبّك وحبّ العمل الّذي يقرّبنا إلى حبّك، وصلِّ اللّهمّ على سيّدنا محمّدٍ وعلى آله وصحبه وسلّم.
ردود الأفعال الإسلاميّة العنيفة تناسبت مع فداحة الجريمة الّتي ارتُكِبَت بحقّ شخص سيّدنا رسول الله عليه الصّلاة والسّلام الّذي يمثّل أمّة الإسلام، وبالتّالي كانت جريمةً بحقّ المسلمين أجمعين، لا بحقّ المليار ونصف المليار الّذين يمثّلون تعداد أمّة الإسلام في هذا العصر، بل كانت جريمةً بحقّ المسلمين على مرّ عصورهم، من عهد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى هذا الزّمان إلى أن يأتي أمر الله، ولكنْ عندما نمتلك قدراً من البعد في التّخطيط والتّفكير، نستطيع أن نحوّل ردود الأفعال هذه من الفورة إلى الثّورة.
فكيف يمكن لنا أن نحوّلها من فورةٍ إلى ثورة؟
المسلمون في هذا العصر بالتّحديد مشهورون بأنّهم قومٌ انفعاليّون، يتأثّرون كثيراً بالمواقف، ولكنّ تأثّرهم بالمواقف يكون موقفاً أيضاً ولا يكون مبدأً يسيّر حياتهم على المدى البعيد، بل ربّما كانت ردود أفعالهم موقفاً تجاه مخططٍ بعيد الأمد يرسمه لهم أعداؤهم، بحيث إنّ ردود أفعالنا في الغالب أقلّ عمقاً وأقلّ تركيزاً وأقلّ ترشيداً، وأقلّ بُعداً من الأفعال الّتي يُنتجها أعداء هذه الأمّة، فأفعالهم الكبيرة تأتي بردود أفعالٍ صغيرةٍ من قِبَلِنَا، أفعالهم البعيدة الأمد تأتي بردود أفعالٍ مؤقّتةٍ، أفعالهم العميقة تأتي بردود أفعالٍ سطحيّةٍ...
طبعاً ثمّة أسبابٌ موضوعيّةٌ أدّت إلى هذه الانفعاليّة عند المسلمين، من هذه الأسباب الموضوعيّة: افتقاد المسلمين إلى الإمَام وافتقادهم إلى المرجعيّات، ولهذا فإنّ أفراد المسلمين ومجتمعاتهم تاهوا ولم يعرفوا سبيلاً للنّجاة والخلاص من هذه الحالة المزرية الّتي تعيش فيها الأمّة، ولم يجدوا من يدّلهم على طريق السّعادة والعزّة والكرامة، لأنّ العامّة لابدّ لهم من أئمّة، وهذا ينطبق على كلّ أمم الأرض على الإطلاق، نعم عند المسلمين مرجعٌ هو القرآن والسّنّة، وعندهم منهاجٌ حضاريٌّ متمثّلٌ بتاريخ الصّحابة والتّابعين ومن تبعهم بإحسان، ولكنّ هذا لا يكفي، العامّة يريدون إماماً ماثلاً بينهم، يريدون مرجعاً يجسّد لهم تلك المرجعيّات وذلك التّراث الحضاريّ وتلك الأفكار، يوصلها إليهم نظريّاً وعمليّاً وإلاّ فإنّ الهوّة ما بينهم وبين تلك المرجعيّات النّظريّة سوف تتّسع وتزداد عمقاً، هذا بعضٌ من الأسباب الموضوعيّة.
غابت المنهجيّة المشتركة أيضاً عند المسلمين فضلاً عن غياب المرجعيّة الممثّلة بالإمام – الإمام الزّمانيّ والإمام الدّينيّ المجمع عليه من قبل جميع المسلمين – فقد غابت المنهجيّة المشتركة في التّعامل مع المستجدّات، بل لقد انقسم المسلمون في الحكم على الأمور القديمة الّتي كان مُجمعاً عليها!، فكيف يُرجى لهم أن يجمعوا على أمورٍ حادثةٍ مستجدّةٍ..!! إذا كانوا ينقضون الإجماع السّابق ويخرج من بينهم من يخترع آراء لم يسبقه إليها أحدٌ من السّابقين على مدى ألفٍ وأربعمئة عام..! فكيف نتوقّع أن يتّحدوا في الحكم على مسائل مستحدثةٍ ليس لهم عهدٌ سابقٌ بها..!!
لا ريب أنّ تنوّع مشاربهم الفكريّة واختلاف انتماءاتهم النّفسيّة أدّيا إلى تنوّعٍ في منهجيّتهم الفكريّة، فلكلٍّ طريقته الخاصّة في الحكم على المسائل الحديثة والقديمة على حدٍّ سواء، ومثل هذا من شأنه أن يجعل ردود أفعال المسلمين ردود أفعالٍ متخبّطةً آنيّةً سطحيّةً محدودةً، بخلاف أفعال أعدائهم الّتي تُعاكس كلّ هذا.
أفعال أعدائنا في هذا الزّمان أفعالٌ عميقة بعيدة الأمد مدروسة كبيرة، وأمّا ردود أفعالنا فإنّها سطحيّةٌ مؤقّتةٌ محدودةٌ صغيرةٌ بسبب افتقارنا إلى المرجعيّة والمنهجيّة.
لعلّ ما حدث في هذه الشّهور الأخيرة من أفعالٍ مُشينةٍ بحق رسول الله عليه الصّلاة والسّلام، وردود أفعالٍ كبيرةٍ غير متوقّعةٍ يمكن أن يكون مناسبةً لبداية ترشيد الصّحوة وتحويلها من فورةٍ إلى ثورةٍ، لأنّنا على مرّ الزّمان الأخير اعتدنا على الفورات واعتدنا على الانفعالات، ولكنّنا نسينا كيف يحدث التّغيير الحقيقيّ، كيف نُحدِث ثورةً على طريقة حياتنا طريقة تفكيرنا، كيف نُحدِث ثورةً على تشتّتنا، كيف نُحدِث ثورةً على تهميشنا في الحياة العالميّة، كيف نُحدِث ثورةً على فساد أفكارنا وبُعدنا عن شريعة ربّنا، كيف نُحدِث ثورةً حقيقيّةً على كلّ مظاهر الضّياع والفساد والانقسام والتّشتّت الّتي نعيشها.
الفورة لا تحلّ مشكلة، ولكنّ المشكلة تحتاج إلى تغيير ثوريّ حقيقيّ بعيد الأمد يجعلنا مستعدّين لتغيير كلّ أنماط حياتنا الخاطئة وكلّ أنماط تفكيرنا الخاطئة وكلّ أنماط عواطفنا الخاطئة.
إذا كنّا مستعدّين لذلك فإنّ المناسبة سانحة والفرصة قد حانت.
لعلّ ما حدث في هذه الشّهور الأخيرة يكون بداية انطلاقٍ لهذا التّغيير، وأعود هنا لأذكّر بمسألةٍ هامّةٍ اختصّت بها هذه الأمّة دون سائر الأمم:
أمّة الإسلام كسائر الأمم تمرّ في تاريخها بطورٍ صاعدٍ وطورٍ هابط، تمرّ بدورةٍ حضاريّةٍ كما يسمّيها علماء التّاريخ الاجتماعيّ ( علماء التّاريخ السّياسيّ )، تكون الأمّة معدومةً ثمّ تبدأ الأمّة بالتّشكّل إلى أن تمتلك مقوّمات الأمّة من أرضٍ ولغةٍ وعقيدةٍ واقتصادٍ وما إلى ذلك، ولكنّها تبدأ ضعيفةً في طور النّمو وتكون الأمم المحيطة بها – وبخاصّة القويّة منها – متربّصةً بها لا تريد أن تسمح لها بأن تكبُر لألاّ تشاركها في السّيطرة وفي المنافع، ولكنّ تقادير الله تشاء أن لا يبقى كبيرٌ كبيراً ولا يبقى صغيرٌ صغيراً, وأن لا يبقى سيّدٌ سيّداً ولا مسودٌ مسوداً, تكبُر الأمّة وتقوى، وتستمرّ في صعودها إلى أن تصير أمّةً عظيمةً، وربّما تصير أمّةً عظمى، وربما تصير الأمّة العظمى على الإطلاق في زمانها وفي حينها؛ ولا يبقى عندها شيءٌ تسعى إليه, تصل إلى أعلى درجات القوة السّياسيّة والعسكريّة, وإلى أحسن أشكال التّنظيم الاجتماعيّ والحضارة الثّقافيّة؛ فتبدأ بالانحدار، عندما يشبع النّاس يصابون بالتّرف, وعندما يأمنون يسعون إلى ملذّاتهم وشهواتهم؛ فتبدأ الأمّة بالانحدار وتنحدر الأمّة شيئاً فشيئاً إلى أن تنهار ويتولّى زمام القيادة منها أمّةٌ جديدةٌ ناشئةٌ آخذةٌ في المشي في طور الصّعود، هذه الدّورة الحضاريّة تشترك فيها الأمم جميعاً, دخل فيها الصّينيِّون القدامى والفراعنة والإغريق والفرس والرّومان والمسلمون العرب, ولكنّ أمّة الإسلام تتميّز بشيءٍ لا يوجد في أمّة أخرى على الإطلاق ألا وهو: تكرار دورتها الحضاريّة.
الأمم الأخرى تدخل في الطّور الصّاعد, تصل إلى القمّة, تبدأ بالانحدار:
لكلِّ شيءٍ إذا ما تمّ نقصـانُ فلا يُغَرَّ بطيبِ العيشِ إنسانُ
هيَ الأمورُ كما شاهدتُها دولٌ من سرَّهُ زمنٌ ساءَتْهُ أزمانُ
فإذا وصلت إلى الحضيض, انتهت لم يعد لها ذكرٌ ولم تقم لها بعدُ قائمة.
أمّا أمّة الإسلام فإنّها كلّما قال النّاس: ماتت عاشت من جديد, وكلّما ظنَّ النّاس أنّهم واروها الثّرى وصلَّوا عليها صلاة الجنازة, نفضت الغبار عن نفسها وقامت مرةً أخرى، وفاجأت الجميع بأنّها لم تمت بعد, ليست بسبعة أرواح, بل بمئات الأرواح, لأنّ بقائها مستمدٌ من خلود دينها, إنّها أمّةٌ مبنيّةٌ على أساس دين هو الإسلام, وبما أنّ الإسلام دينٌ خالدٌ فالأمّة المستمدة حضارتها منه أمّة خالدة, وبما أنّ الإسلام هو وحده النّظام الخالد فالأمّة الإسلاميّة هي وحدها الأمّة الخالدة, لا تشاركها أمّة أخرى في الخلود والبقاء.
الأمّة الإسلاميّة مرجعها القرآن: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } ولهذا هي أمّة محفوظةٌ باقيةٌ, ولكنْ يطرأ عليها فتورٌ, بل يطرأ عليها انهيارٌ ويطرأ عليها انتهاءٌ, ولكنّه يكون انتهاء مرحلة لتستعدّ الأمّة من جديدٍ لتبتدأ مرحلةً جديدةً وتعيش دورةً حضاريّةً جديدةً تطول أو تقصر, طبعاً هذه الدّورة الحضاريّة تختلف مدّتها عند الأمم بقدر ثبات الأساس الّتي بُنيت عليه, فعلى حسب نظرنا المَدَنيّة الأوربّيّة دورة حياتها الحضاريّة أطول من دورة حياة المدنيّة الأمريكيّة, فالمَدَنيّة الأمريكيّة ستنهار سريعاً جدّاً, رغم أنّها نشأت بعد نشأت المَدَنيّة الأوربّيّة فإنّها ستنهار قبلها, لأنّ الأساس الخلقيّ الّذي بُنِيَت عليه الحضارة الأمريكيّة أكثر هشاشةً وأكثر تفتتاً بكثير من الأساس الخلقي للمَدَنيّة الأوربِّيَّة, رغم أنّ الأساسين ضعيفان واهيان؛ فإنّ أساس الحضارة الأمريكيّة أكثر ضعفاً فلذلك هي أقرب إلى الفناء حتّى قال أحد الأوربّيّين المفكرين ألا وهو الأديب الأيرلندي: جورج برناردشو: ( إنّ أمريكا ستنهار قبل أن تمرَّ بمرحلة الحضارة ), لن تعرف شيئاً اسمه حضارة حقيقيّة متكاملة تجمع إلى المَدَنيّة الماديّة والثّقافة الفكريّة حضارةً خلقيَّةً, لن تعرف أمريكا الحضارة وسوف تنهار سريعاً, الأوربّيّون قالوا ذلك عن أمريكا, ونحن نرى أنّ الأوربّيّين أيضاً ستنهار مَدَنِيَّتهم لأنّ أساسها الخلقيَّ الّذي يعتزّون به في نظرنا هشٌّ جدّاً, وإذا قُورن بأساسنا الخُلقي فهو واهٍ جدّاً لا يستطيع أن يحافظ على مَدَنِيَّتهم, وأمّا الأساس الخلقيّ الّذي تقوم عليه حضارتنا فإنّه أساسٌ راسخٌ, والجذور الفكريّة الّتي تقوم عليها حضارتنا جذورٌ ضاربةٌ, ولهذا هي حضارةٌ باقيةٌ خالدةٌ, ولكنْ تمرُّ بدوراتٍ حضاريّةٍ كما تمرُّ بقيّة الأمم ولكنّها دوراتٌ حضاريّة مكرَّرة.
الدّورةُ الحضاريّة للأمّة الإسلاميّة, طبعاً الدّورة الحضاريّة الأخيرة لهذه الأمّة انتهت من حوالي مئةِ عام، آخرُ ما نعرفه من دورةٍ حضاريِّةٍ لهذه الأمّة عندما وصل المسلمون في أيّام العثمانيِّين إلى أقصى درجات القوّة في العالم, وصارت أمم الأرض تحسب لهم حساباً, ووصلت سيطرتهم إلى أواسط أوربَّا, وكادوا يسيطرون على أوربَّا كلّها, ولكنْ ضعفت هذه الدّولة, واستطاع أعداؤها أنْ ينخُروا فيها, واستطاع اليهود الاتّحاديّون - جماعة جمعيّة الإتّحاد والتّرقيّ وجماعة جمعيّة تركيّا الفتاة - الماسونيّون الحاقدون على الإسلام ودولة الإسلام, استطاعوا أن يتسلّلوا إلى سراديب الدّولةِ العثمانيّة ليعجِّلوا بهبوطها, فانهارت انهياراً سريعاً في طورها الأخير، حتّى وصلت الحضيض، ودُمِّرت عند الحرب العالميّة الأولى.
تأخَّرت بداية الدّورة الحضاريّة الجديدة, على مرِّ التّاريخ الإسلامي على مرِّ ألفٍ وثلاثِمئة عام كانت الدّورات الحضاريّة الإسلاميّة متعاقبة, فما إنْ تنتهيَ دورة ويصلَ المسلمون في مرحلةٍ من المراحل إلى حضيضِ الطّور الهابط لهذه الدّورة حتّى تبتدأ فئةٌ أخرى من المسلمين برفع طورٍ صاعدٍ جديد.
انتهى الرّاشدون جاء الأمويّون, ذهب الأمويّون جاء العبّاسيّون وهكذا, مرَّت فتراتُ انقطاعٍ قصيرةٌ جدّاً كأيّام غزوِ المغول لبلاد المسلمين وأيّام سيطرت الصّليبِّين الفرنجة على بلاد المسلمين, ولكنّ الأعمُّ الأغلب من التّاريخ الإسلاميّ شهد تعاقباً أو تقارباً في الدّوراتِ الحضاريّة الإسلاميّة.
الحرب العالميّة الأولى شهدت نهايّة آخر دورةٍ حضاريّةٍ للمسلمين، ومن ذلك الوقت المسلمون ضائعون، ليس عندهم مسارٌ يصعدون فيه، لأنّ المسار يحتاج إلى ترشيد، والتّرشيد يحتاج إلى مُرَشِّد، وقد أفقد أعداء الإسلام المسلمين المُرَشِّد والمُرْشِد، أفقدوهم الإمام مُمثّلاً بالخليفة، وحاولوا أن يُفقدوهم العلماء – الّذين هم من أهمّ أولي الأمر – بأنْ حاربوا العلماء بأشخاصهم وبسمعتهم وبكلّ ما يستطيعون... حتّى فُقد العالم المُرْشِد المُربّي الّذي يصلح لأن يكون شرارة الانطلاق لدورةٍ حضاريّةٍ جديدةٍ للأمّة الإسلاميّة، ومضى على ذلك ما يقرُب من تسعين عاماً، من تسعين عاماً والمسلمون خارج المسار الحضاري، نعم هناك أفرادٌ من المسلمين يدخلون في المسارات الحضاريّة للأمم الأخرى، فنسمع واحداً منهم يحوز جائزة نوبل في الفيزياء في أمريكا، والآخر يساهم في اختراعٍ عظيم في فرنسا، والثّالث له مكانةٌ عظيمةٌ في جامعات ألمانيا، هؤلاء ليسوا محسوبين على الحضارة الإسلاميّة؛ وإلاّ فإنّ العرب في القديم قد صدّروا أباطرةً للإمبراطوريّات الأخرى، مثل الإمبراطور فيليب العربي الّذي حكم دولة الرّومان، هل نقول: صارت دولة الرّومان دولةً عربيّةً عندما حكمها فيليب العربيّ؟ لا، هي دولةٌ رومانيّة يحكمها شخصٌ متروّم، صار واحدٌ منهم وإن كان أصله عربيّاً ولكنّه انخرط ضمن سلك الحضارة الرّومانيّة، بقي له أصله العربيّ قد يعتزّ به وقد لا يعتزّ، ولكنْ هذا لا يعنينا في مسيرة الحضارة، فالحضارة الجمعيّة تغلب الانتماء الفرديّ، وهذا ما حدث خلال هذه الأعوام التّسعين؛ حيث كانت الحضارة الجمعيّة غير إسلاميّة، والأفراد المسلمون قد يساهمون في هذه الحضارة ولكنْ لا تسمّى حضارةً إسلاميّةً لذلك، إن قلنا: إنّ شركة ميكروسوفت تحوي ثلاثة آلاف خبيرٍ عربيّ - هذه حقيقة - هل هذا يعني أنّ شركة ميكروسوفت تدخل ضمن سلك الصّناعة الحاسوبيّة الصّناعة الإلكترونيّة العربيّة؟ إن قلنا: إنّ هذه الشّركة تُنْتِج برامج عربيّةً كثيرةً فهل هذا يعني أنّها شركةٌ عربيّةٌ؟ وهكذا إنّ قلنا إنّ أحمد زويل المصريّ قد حاز جائزة نوبل في الفيزياء بعد أبحاثٍ أجراها في مقرّه ومُقامه في أمريكا، فهل هذا يعني أنّ الحضارة العربيّة أحرزت جائزة نوبل في الفيزياء؟ لا، أمريكا أحرزت جائزة نوبل في الفيزياء ممثّلةً بشخصيّةٍ مستعارةٍ من مصر مُربّاةٍ في أمريكا.
إذاً المسلمون - العرب وغير العرب - خارج المسار الحضاريّ من تسعين عاماً، كيف يبدؤون؟ المشكلة في البداية، بعد أنْ يبتدأ الإنسان يمكن أن يستمرّ النّسيج، الّذي ينسج قطعة صوف يحتاج أن يُنسج أمامه خيطٌ أو خيطان من هذا النّسيج فيستطيع أن يتابع بعد ذلك، ولكنّ المشكلة في وضع التّصميم في وضع بدايات هذا الرّسم، فإذا سبقه أحدٌ إلى وضع بدايات الرّسم أمكنه أن يبني وأن يؤسّس.
هذه البداية هي نقطة الضّياع عند المسلمين، كيف يبتدئون وضع أساس هذه الحضارة أو هذه الدّورة الحضاريّة الّتي تعيد أمجاد السّابقين؟
هذا الأمر من ناحية المعلومات متاح، ومن ناحية الأفكار متاح، المعلومات يمتلك المسلمون الكثير منها، المسلمون ليسوا تلك الأمّة الجاهلة الّتي تحتاج إلى علمٌ حتّى تبني الحضارة، العلم موجود، والدّليل أنّ المسلمين عندما يسافرون إلى بلاد علم ينافسون أصحاب تلك البلاد في المراكز العلميّة، والعلم متيّسرٌ في هذا الزّمان متاحٌ لكلّ أحدٍ في كلّ بقعةٍ من بقاع العالم مادامت وسائل الإعلام ووسائل الاتصال تصل إليها، نحن لا نفتقر إلى العلم.
< طيّب > نفتقر إلى الأفكار؟ لا، الأفكار كثيرةٌ جدّاً، بل إنّنا نمتلك من الأفكار الحضاريّة المتكاملة ما لا يمتلكه الأمريكان والأوربّيّون ولا الرّوس ولا الصّينيون، نستطيع أن نوزع أفكاراً على كلّ الكرة الأرضيّة... هاتِ شابّاً صغيراً في الثّانويّة أو شاباً في الجامعة واسأله عن اقتراحات يُعطك اقتراحاتٍ تملأ صفحةً من هنا... إلى أمريكا إذا أردت أن تكتبها، الأفكار كثيرة.
< طيب > إلى ماذا نفتقر؟ نفتقر إلى المال؟ علينا أن نجمع المال حتّى نبتدئ؟ بداية التّطوير الحضاري المال!؟ هكذا قال بعضهم، بعض دعاة صناعة الحضارة وصناعة الحياة زعموا أنّ البداية أفكار وأنّ البداية مال وأنّ البداية معلومات.. وكلّ ذلك تحصيل حاصل، هو موجود أصلاً عندنا، المال كثير بل إنّ المال العربيّ يكاد يكون أغنى أوفر من سائر أموال الأمم، ولهذا بلاد العرب وثرواتها محطُّ أنظار الأمم جميعاً ومكان تنافس الشّرق والغرب، نحن لا نفتقر إلى المال.
إلام نفتقر إذاً؟ نفتقر – بالمختصر المفيد – إلى الإرادة الصّادقة، أن نريد البداية
كلّما سأل امرؤٌ: ماذا أستطيع أن أفعل؟
نقول له تستطيع أن تفعل كذا وكذا..
يقول لا لا، لا أريد أشياء بعيدة الأمد، أريد أشياء أفعلها وأرى نتائجها سريعاً.
نقول: ما يأتي سريعاً يذهب سريعاً، والحضارة لا تبنى بفعل يومٍ أو يومين، وأعداؤنا لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه ولم يتمكّنوا من التحكّم بنا بجهد عامٍ أو عامين أو عقدٍ أو عقدين، فكيف نُحبط مخططاتهم البعيدة بجهودٍ قليلةٍ قصيرة الأمد!؟
يقول: أن لا أريد أن أفعل شيئاً ولا أرى ثمراته.
نقول: لا يمكن أن ترى ثمراته، هذه دورةٌ حضاريّةٌ، عليك أن تضع اللّبنات الأولى والدّورة الحضاريّة قد تستغرق عشرات السّنين وقد تستغرق مئات السّنين، أنت تريد دورةً حضاريّةً أقصر من مدّة حياتك!؟ إذا كنت ستعيش ستّين أو سبعين عاماً تريد أن تبني الآن وترى البناء قد شِيد وترى الأمور على ما يرام قبل أن تموت!! هذا لا يمكن إذا كانت الحضارات تبنى بهذه الطّريقة فما أيسر الأمر إذاً، المسألة أعمق من هذا بكثير، المسألة تحتاج إلى بعد نظر وإلى عمقٍ في التّفكير..
عليك أن تبدأ وأن تبني.. ربّما لا تستطيع أن تبني حتّى..
عليك أن تضع الأساسات بل حتّى الأساسات قد لا تستطيع أن تضعها..
عليك أن تحفر، الآن ستحفر.
أولادنا يأتون يتابعون الحفر أيضاً.
في جيلٍ من الأجيال يستطيعون أن يضعوا الأساسات..
وفي جيلٍ آخر يستطيعون أن يبنوا الطّابق الأوّل.
وفي جيلٍ ما يتمّ البناء..
البناء سيتهدم مرّةً أخرى؟ نعم، نحن نعلم ذلك، ولكنْ كلّ امرئٍ يحاسب على ما يقدّم من أسباب، لا على ما يحصد من نتائج، ولو كان الحساب على أساس النّتائج لكانت مكانة المسلمين المتأخّرين عند الله أعظم بكثيرٍ من مكانة الصّحابة، لأنّ الصّحابة لم يحصدوا أيّة نتيجةٍ ظاهرةٍ كبيرةٍ في حياتهم، بخلاف الأجيال اللاّحقة الّتي حصدت نتائج رائعةً جدّاً؛ ولكنّها حصدت نتيجة عمل السّابقين، السّابقون مكانتهم أعظم لأنّهم قدّموا أكثر ممّا قدّم من بعدهم، فالمرء يُعطي على أساس ما يقدّم لا على أساس ما يأخذ، تُحاسب على أساس السّبب الّذي تقوم به لا على أساس النّتيجة الّتي تحصدها، فإذا كانت الأسباب الّتي تقوم بها غير كافيةٍ لإظهار نتائج سريعةٍ، فهذا طبيعيّ وينبغي أنْ تتوقّعه..
إذا كان أعداؤنا وهم الّذين لا يؤمنون بالآخرة يعون هذه الفكرة، ويعلمون أنّ الدّورة الحضاريّة قد تحتاج مئات السّنين، فيبذرون، يحرثون، يرعون النّبتة ويموتون، أجيال وأجيال... وهم لا يرون هذه الثّمرة، تأتي الأجيال اللاحقة ترعى هذه الشّتلة ترعى هذه النّبتة الصّغيرة ويموتون وهم لم يروا الثّمرة، ثم يأتي جيلٌ من هذه الأجيال يأخذ هذه الثّمرة، يعون حقيقة أنّ الحضارة تبنى على أكتاف أجيالٍ متلاحقةٍ، مع أنّهم لا يؤمنون بالآخرة فهم يسيرون ضمن هذا المسار الحضاريّ المنطقيّ، فما بالك وأنت مسلم تعلم أنّ جهدك الّذي تبذله لن يضيع وسوف تأخذ أجراً له في الآخرة وسوف تُجزى بما عملت حتّى ولو لم تحصد الثّمرات!!
يفترض بنا أنْ نكون إذاً أكثر وعياً من أعدائنا لهذه الحقيقة، لا كما نرى اليوم أعداؤنا يعونها، ونحن نهرب منها ونتغافل عنها، يصنعون لنا خطّةً تخريبيّة على مدى مئة سنة، مثلاً: ( بروتوكولات حكماء صهيون ) الّتي كُتبَت من أكثر من مئة عامٍ منذ الآن، رسمت الواقع الفاسد الّذي نعيش به اليوم، عندما يقرأ الواحد منّا ذلك، ويشعر بخطورة الوضع الّذي نعيش فيه، ماذا يقرّر أن يصنع؟
يقرّر أن يغيّر هذا الوضع اليوم، اليوم... السّاعة لماذا اليوم... لماذا يؤجّل إلى ما بعد قليل...
اليوم سوف أغيّر.
نقول: جيّد!، خذ شهراً لا بأس، تستطيع خلال شهر؟
يقول: لا أبداً، لا أؤجّل شهراً.
نقول: جميل!
يقول: اليوم ماذا؟ سبت؟ قبل أن يأتي يوم الجمعة القادم سأكون غيّرت الوضع.
نقول: أحسنت!، < طيّب > دعني أراك يوم السّبت القادم < طيّب >.
يأتيني يوم السّبت القادم أقول له: خبّرني ما النّتيجة؟
يقول: والله فشلت.
نقول: والعمل!؟
يقول: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، ما باليد حيلة.
نقول: توقّفت عن العمل!؟
يقول: لا أستطيع أن أفعل شيئاً.
نقول: إمّا هذا وإمّا هذا!؟ إمّا أن تغيّر اليوم وإمّا أن تُمسك عن التّغيير بالمرّة.
< طيّب > أعداؤك رسموا لك هذه الخطّة على مدى مئة عام؛ أفلا تحتاج على الأقلّ إلى مئة عامٍ مثلها لتبطلها؟ والخراب أسهل من العمار.
الهدم لا يحتاج وقتاً طويلاً، أمّا البناء فيحتاج وقتاً طويلاً جدّاً.
بناءٌ يبنى على مدى سنتين أو ثلاث سنوات، قنبلة واحدةٌ تهدّمه في ظرف ربع السّاعة، < طيّب > بعد أن هدّمته في ربع السّاعة ألا نحتاج إلى سنواتٍ أيضاً لنعمّره؟... نيأس؟ لا، لا نيأس.
وتذكّروا قصّة ذاك الرّجل الحكيم، الشّيخ الكبير الّذي كان يزرع شجرة زيتون، ويداه ترتجفان، ولعلّه يسقط في حفرةٍ قرب شجرة الزّيتون فيدفنونه فيها، ( على حافّة قبره )! رآه رجلٌ فقال: يا عمّ ألا تعلم أنّ شجرة الزّيتون لا تثمر إلاّ بعد سنين!؟
( تحتاج إلى عشرة أعوام وربّما عشرين عاماً، على حسب الرّعاية، على حسب ما يقدّم لها من سماد وعلى حسب تقليب التّربة والسّقاية )
ألا تعلم أنّك لن تعيش ربّما حتّى تأكل من ثمار هذه الشّجرة!؟
يقول: بلى أعرف هذا يا بني.
يقول: إذاً لماذا تزرعها!؟
يقول يا بنيّ غرسوا فأكلنا ونغرس فتأكلون.
أنا أزرع من أجلك لا من أجلي، لو فكّرتُ بهذه الطّريقة لما أكلتَ أنت ولو فكّر الّذين من قبلي بهذه الطّريقة لما أكلتُ أنا.
البناء الحضاريّ مثل شجرة الزّيتون، غرسوا فأكلنا، ونغرس فيأكل من بعدنا وهكذا... لا ينبغي أن نتوقّف عن العمل، لا نقول: الأبواب مغلقة.
نقول: نعم الأبواب مغلقة تحتاج إلى مُفتاح.
يقول: أنا لا أريد أن أتعذّب وأبحث عن المفتاح، وأفصّل المفتاح، أدفعها دفعة فأكسر الباب.
نقول: جرّب < طيّب >.
يدفعها دفعة فلا يُكسر، الباب محكمٌ متين.
يقول: إذاً يئست.
نقول: ولكنْ هناك مفتاح!.
يقول: أين أذهب؟ إلى بائع المفاتيح وإلى صانع المفاتيح، وأجرّب وأتكلّف، لا لا لا بما أنّه لم يفتح بدفعةٍ قويّةٍ فلن أفتحه.
نقول: لا يحتاج الموضوع إلى قوّة، يحتاج إلى تروٍ، الباب المحكم المتين لا يُفتح بالقوّة، مهما كنت قويّاً ومهما أتيت بأسلحةٍ لا تستطيع فتحه، أنت وعشرةٌ من أمثالك، ادفعوه، ادفعوه لن يُدفع.
فستأتي بمفتاحٍ صغير فيُفتح، هذا المفتاح الصّغير المجيء به يحتاج إلى وقت ويحتاج إلى تفكير، ويحتاج إلى ذكاء، ويحتاج إلى تدبير، ولكنّه مفتاحٌ صغيرٌ بالمحصّلة، من دون قوّة، قوّة العقل أكبر من قوّة العضلات.
وهكذا يُفترض بنا أن نتعامل مع حضارتنا الّتي ينبغي أن نعيد بناء دورتها الحضاريّة الجديدة.
لعلّ ما رأيناه من وحدة المسلمين في التّفافهم حول شخص نبيّهم عليه الصّلاة والسّلام، والاستياء الشّديد من أعدائهم الّذين أساؤوا إليه - صلوات الله وسلامه عليه - تكون مؤشّراً مهمّاً جدّاً على بداية هذا الصّحو الحضاريّ، هذا الوعي الحضاريّ الّذي يمكن أن يستثمر بشكلٍ كبيرٍ، على أن لا أقتصر أنا على الكلام فيه، ولا يقتصر غيري في بقعةٍ نائيةٍ من بقاع الأرض على الكلام فيه، على أن يتحوّل إلى منهجٍ مدروسٍ بعيد الأمد يفتقر فقط إلى شرطٍ واحدٍ هو الإرادة الصّادقة.
واذكروا أحبّتي أنّ الإرادة الصّادقة تقتضي أموراً عديدةً من أهمّها:
أن تلغي مصلحتك الشّخصيّة عندما تتعارض مع مصلحة أمّتك الحضاريّة
عندما تقدّم مصلحة نفسك على مصلحة أمّتك لأنّ مصلحة نفسك عاجلة ومصلحة أمّتك آجلة لا ترى نتائجها اليوم، فلن تكون عنصراً فاعلاً في البناء الحضاريّ، وإذا كان معظم النّاس مثلك فلن تبنى هذه الحضارة إذاً، لن تبنى الحضارة حتّى نمتلك الحسّ الّذي يحمل الإيثار ويحمل التّضحية ويحمل العطاء، ونكون مستعدّين لأن نعطي كلّ ما نملك في سبيل أن لا نرى شيئاً في حياتنا، أن نقدّم كلّ ما نملك لهذه الأمّة ولو لم نرَ شيئاً، ولو رأى أحفاد أحفادنا نتائج ما قدّمنا.
إذا امتلكنا مثل هذا الإحساس، إذا امتلكنا مثل هذه التّضحية مع بعد النّظر، عندها يمكن أن نكون لبنةً من لبنات البناء الحضاريّ الإسلاميّ الجديد الّذي يعيد أمجاد السّالفين، والّذي يُنير الإنسانيّة كلّها، وينشر الفضيلة، وينشر الحقّ، وينشر الخير والجمال في بقاع الأرض.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا أهلاً لحمل هذه الرّسالة، وأن يجعلنا أهلاً لتحمّل هذه الأمانة، والحمد لله ربّ العالمين.
اللّهمّ إنّك عفوٌّ تحبّ العفو فاعفُ عنّا، اللّهمّ حبّب إلينا الإيمان وزيّنه في قلوبنا وكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الرّاشدين، اللّهمّ أرنا الحقّ حقّاً وارزقنا اتّباعه وحبّبنا فيه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه وكرّهنا فيه، اللّهمّ إنّا نسألك حبّك وحبّ من يحبّك وحبّ العمل الّذي يقرّبنا إلى حبّك، وصلّ اللّهمّ على سيّدنا محمّدٍ وعلى آله وصحبه وسلّم.

الملفات الصوتية
الملف الأول
الملفات النصية
الملف الأول83 KB
أرسل هذه الصفحة إلى صديق
اسمك
بريدك الإلكتروني
بريد صديقك
رسالة مختصرة


المواضيع المختارة
مختارات

[حسن الظن بالله]

حسن الظن بالله يعني أن يعمل العبد عملاً صالحاً ثم يرجو قبوله من الله تعالى ، وأن يتوب العبد إلى الله تعالى من ذنب عمله ثم يرجو قبول الله تعالى لتوبته ، حسن الظن بالله هو ذاك الظن الجميل الذي يأتي بعد الفعل الجميل.
يقول النبي عليه الصلاة والسلام : {لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى.}
قال سبحانه في الحديث القدسي :{ أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني } أنا عند ظن عبدي بي فإذا ظننت أنه يرحمك وأخذت بأسباب الرحمة فسوف يرحمك ، وأما إن يئست من رحمته وقصرت في طلب أسبابها فإنه لن يعطيك هذه الرحمة لأنك حكمت على نفسك والله تعالى سيحكم عليك بما حكمت أنت على نفسك .